غابات عجلون🌳: خط الدفاع الأخضر المهدد بالدمار 🔥 والزوال
بقلم – راشد الربابعة
تُعتبر غابات عجلون من أهم الثروات الطبيعية في الأردن، وأحد أبرز المناطق الغنية بالتنوع البيولوجي في المملكة. تقع هذه الغابات في شمال الأردن، وتغطي مساحات شاسعة من التلال الجبلية التي تتميز بمناخها المعتدل ورطوبتها النسبية، ما يجعلها ملاذًا للعديد من الأنواع النباتية والحيوانية النادرة. إلا أن هذه الثروة الطبيعية تواجه اليوم تهديدات متزايدة، أهمها القطع الجائر للأشجار والحرائق المتكررة، التي تُنذر بخطر فقدان هذا التراث البيئي الفريد.
القطع الجائر… تهديد مستمر
في السنوات الأخيرة، شهدت غابات عجلون زيادة ملحوظة في عمليات القطع غير القانوني للأشجار، حيث يتجه بعض السكان المحليين إلى قطع الأخشاب لأغراض التدفئة والبناء، أو حتى لبيعها في السوق السوداء. تقول فاطمة، من سكان إحدى القرى المجاورة للغابات: "نحن نعتمد على الحطب للتدفئة في الشتاء، وأحيانًا تكون الخيارات قليلة، لذلك نضطر لقطع الأشجار." رغم هذه الظروف الاجتماعية، إلا أن القطع العشوائي يتسبب في تراجع الغطاء النباتي، ويهدد التوازن البيئي في المنطقة.
تشير بيانات وزارة البيئة الأردنية إلى أن ما يقارب 15% من غابات عجلون تعرضت للتلف بسبب القطع الجائر خلال العقد الماضي، وهو رقم يثير القلق، خصوصًا مع غياب آليات رقابة فعالة ونقص الموارد المخصصة للحماية.
الحرائق المتكررة… كارثة طبيعية وإنسانية
إلى جانب القطع الجائر، تواجه غابات عجلون حرائق متكررة، تتسبب بها عوامل طبيعية وبشرية. وفقًا للخبراء، فإن موسم الصيف الجاف يشكل بيئة مناسبة لاندلاع الحرائق، التي قد تبدأ أحيانًا نتيجة إهمال بشري أو حرق مخلفات زراعية بالقرب من الغابات. يقول المهندس سامر، خبير بيئي: "كل حريق صغير في الغابة يترك أثرًا طويل الأمد، حيث يدمر النباتات ويؤثر على الحيوانات، ويزيد من انبعاثات الكربون التي تسهم في التغير المناخي."
تسببت حرائق الصيف الماضي في احتراق مساحات واسعة من الغابات، مما دفع السلطات المحلية إلى تكثيف جهود الإطفاء وتوعية السكان بأهمية الحفاظ على البيئة.
التأثيرات البيئية والاجتماعية
لا يقتصر تأثير القطع والحرائق على الطبيعة فقط، بل يمتد ليشمل المجتمعات المحلية التي تعتمد على الغابات في معيشتها. فغابات عجلون توفر مصدرًا هامًا للمياه، وتساعد في تحسين جودة الهواء، كما تساهم في تنظيم المناخ المحلي. يؤكد الدكتور محمد، أستاذ علوم البيئة في جامعة الأردن، أن فقدان الغطاء النباتي سيؤدي إلى تدهور التربة، وزيادة الانجرافات المائية، ما يضر بالزراعة وسبل العيش.
من الناحية الاجتماعية، يشعر السكان بقلق متزايد تجاه المستقبل، خاصة أن الكثيرين من الشباب يجدون في الغابات فرصة للعمل في السياحة البيئية أو المشاريع الزراعية المستدامة. يقول أحمد، شاب من المنطقة: "إذا استمر الوضع على هذا النحو، سنفقد مصدر رزقنا، وسيصبح من الصعب العيش هنا."
جهود الحماية والمبادرات المجتمعية
لمواجهة هذه التحديات، أطلقت الحكومة الأردنية بالتعاون مع منظمات بيئية محلية ودولية عدة مبادرات تهدف إلى حماية غابات عجلون. تشمل هذه المبادرات حملات للتشجير، وبرامج توعية للسكان حول أهمية الحفاظ على البيئة، بالإضافة إلى تعزيز قدرات فرق الإطفاء المحلية.
في الوقت ذاته، يعمل نشطاء بيئيون ومتطوعون من المجتمع المحلي على تنظيم ورش عمل وجولات ميدانية لتعريف الناس بأهمية الغابات ودورها في المحافظة على التنوع البيولوجي. تقول ليلى، ناشطة بيئية: "نحن نسعى إلى بناء وعي بيئي حقيقي يبدأ من المدارس ويصل إلى كل بيت."
تمثل غابات عجلون خط الدفاع الأخضر في الأردن، وهي كنز طبيعي يجب الحفاظ عليه لأجيال قادمة. التحديات التي تواجهها، من قطع جائر وحرائق متكررة، تحتاج إلى تعاون شامل بين الجهات الحكومية، والمجتمع المحلي، والمنظمات البيئية. فقط من خلال العمل الجماعي والتوعية المستمرة يمكننا حماية هذا الإرث البيئي الحيوي، وضمان استدامته في وجه التغيرات المناخية والضغوط البشرية المتزايدة.

0 تعليقات