تغير المناخ يهدد محاصيل الزيتون في عجلون: حلول محلية لمشكلة عالمية
بقلم - راشد الربابعة
الزيتون هو من أهمّ الأشجار والمحاصيل الزراعية في محافظة عجلون، وله قيمة اقتصادية واجتماعية كبيرة. تُشير إحصاءات وطنية ومصادر زراعية إلى أن الأردن بشكل عام يزرع مئات الآلاف من الدونمات بالزيتون وتنتج سنوياً ما بين 150,000–200,000 طن من الثمرة (إنتاجية متغيرة حسب الموسم)، فيما يتراوح إنتاج زيت الزيتون المسلوق بين 23,000–27,000 طن سنوياً في مراحل معينة، وتُعدّ شمال المملكة ومن ضمنها عجلون مناطق رئيسية للإنتاج.
محافظة عجلون على مستوى المحصول المحلي تظهر حساسية عالية تجاه الجفاف وتقلّبات درجات الحرارة: موسم الأمطار المضطرب أو تأخّر الأمطار يؤثّر مباشرة على كمية الثمار وجودة الزيت، بينما موجات الحرّ المبكرة أو المتأخّرة قد تُسبب تلفاً في الأزهار أو تقليل معدّل الإخصاب. تَظهر بيانات مواسم الزيتون في السنوات الأخيرة تذبذباً واضحاً في الكميات: على سبيل المثال، تقارير دائرة الإحصاءات والأجهزة الصحفية رصدت فترات موسمية شهدت انخفاضات ملموسة في الإنتاج تزامناً مع موجات جفاف ودرجات حرارة أعلى. (في بداية موسم 2024 مثلاً أُشير أن محافظة عجلون أنتجت آلاف الأطنان خلال فترة الضغط الأولى من الموسم؛ بينما تُشير أرقام السنوات الأخرى إلى تقلبات كبيرة حسب الموسم).
تداعيات هذا التقلّب المناخي لا تقتصر على الكميّات فقط، بل تمتد إلى جودة الزيت وسعره وفرص التسويق والعمل الزراعي: تراجع الإنتاج يضغط على دخل العائلات الريفية، ويزيد من هشاشة سلاسل القيمة (المعاصر، التخزين، التصدير). وفي المقابل، ارتفاع الإنتاج في مواسم جيدة دون إدارة مناسبة يؤدي إلى فائض هبوطي في الأسعار أو مشكلات بيئية متعلقة بمخلفات المعاصر. لذلك الحلول المحلية المتكاملة تُعدّ ضرورة عملية، وتشمل على سبيل المثال:
تحسين إدارة المياه: إقامة خزانات حصاد مياه الأمطار، تحديث شبكات الري بالتنقيط أو الري الذكي حيث أمكن، واستخدام تقنيات للحصاد البطيء للمياه للحفاظ على رطوبة التربة خلال فترات الجفاف الطويلة. هذه التدابير ثبتت فعاليتها في مناطق متشابهة من العالم المتوسطي.
تعديل ممارسات الإنتاج الزراعي: اعتماد أصناف زيتون مقاومة للجفاف/الحرارة أو استخدام تقنيات التقليم والظلال لتحسين تحمل الأشجار للحرّ، بالإضافة إلى تنويع المحاصيل الزراعية لتقليل المخاطر الاقتصادية على المزارع. دراسات حديثة تستخدم نظم GIS لتحديد المناطق المثلى لزراعة الزيتون في الأردن في ظل تغيّر المناخ.
توسيع الخدمات الفنية والدعم: تقديم استشارات زراعية، تدريب المزارعين على إدارة التربة والري، وبرامج تأمين زراعي أو صناديق احتياطية موسمية لمساعدة المزارع أثناء مواسم فقدان المحصول. هذه التدخلات تُقلّل من آثار الصدمات وتساعد على الانتعاش.
أمثلة وأرقام محلية: في مواسم معيّنة ذُكِر أن عجلون قد سجّلت إنتاجيات متقدّمة مقارنة بمحافظات أخرى (تقارير ميدانية تحدثت عن توقعات حصاد تصل لعشرات الآلاف من الأطنان في مواسم جيدة، وتقارير رسمية من 2024 أوردت أرقاماً تفصيلية توزّعت بين المحافظات، حيث سجّلت عجلون حصصاً متنوعة تتراوح من بضعة مئات إلى عدة آلاف أطنان حسب الفترة المعلنة). تبنّي سياسات إقليمية للتكيّف الزراعي يمكن أن يساعد في استقرار هذه الأرقام وتقليل التقلبات.
في نطاق الحلول العملية أيضاً أهمية معالجة آثار التصنيع الزراعي—مثل نفايات معاصر الزيتون—بطرق مستدامة: تحويل مخلفات المعاصر إلى سماد أو استخدام تكنولوجيات لتنظيف المياه الناتجة يمكن أن يحوّل مشكلة بيئية إلى مصدر طاقة أو سماد، ويخفف الضغط البيئي على الأراضي. كما أن دعم سلاسل القيمة (تحسين التعبئة، العلامة التجارية المحلية لـ"زيت عجلون" ذات جودة عالية، وتعزيز السياحة الزراعية) يمكن أن يزيد من عائد المزارع ويحوّل التحدّي إلى فرصة تنموية.
التغير المناخي يشكّل تهديداً حقيقياً لمحاصيل الزيتون في عجلون، لكن الجمع بين حلول إدارة المياه، تحسين الممارسات الزراعية، دعم البنية التحتية للإنتاج والمعاصر، وبرامج التوعية والدعم للمزارعين يمكن أن يقلّل بشدة من الخسائر المحتملة. الاستثمار في هذه التدابير ليس رفاهية بل ضرورة لضمان استدامة مورد حيوي للريف العجلوني وللاقتصاد المحلي.

0 تعليقات