المياه في الأردن: بين شح الموارد وتحديات العدالة البيئية | راشد الربابعة


المياه في الأردن💧: بين شح الموارد وتحديات العدالة البيئية⚖️


بقلم - راشد الربابعة 
يعتبر الأردن من أكثر الدول شحًا في الموارد المائية على مستوى العالم، حيث يواجه تحديات متزايدة في تأمين مياه الشرب والزراعة والصناعة، في ظل تزايد السكان وتغير المناخ والضغوط الاقتصادية والاجتماعية. تتداخل هذه العوامل لتشكل أزمة مائية حادة تؤثر على الحياة اليومية للمواطنين، وعلى فرص التنمية المستدامة في البلاد.

واقع المياه في الأردن
يصل متوسط نصيب الفرد من المياه في الأردن إلى أقل من 150 متراً مكعباً سنوياً، وهو أقل بكثير من حد الفقر المائي الذي حددته منظمة الأمم المتحدة بـ 1000 متر مكعب للفرد. يقول المهندس سامي، خبير المياه: "الموارد المائية في الأردن محدودة بشكل كبير، ونحن نعتمد بشكل رئيسي على مياه الأمطار، التي تتراجع باستمرار بسبب التغير المناخي."

تُعتبر مصادر المياه السطحية والجوفية المتوفرة متقلبة وغير كافية لتلبية الطلب المتزايد، مما يؤدي إلى الاعتماد المتزايد على المياه المستوردة ومشاريع تحلية المياه.

تحديات العدالة المائية
تعاني العديد من المناطق الريفية والحضرية في الأردن من تفاوت شديد في توزيع المياه، حيث يحصل سكان بعض المناطق على كميات أقل بكثير من الحاجة، أو يواجهون انقطاعات متكررة في الخدمة. يؤثر هذا التفاوت بشكل خاص على الفئات الضعيفة والمهمشة، مثل اللاجئين والأحياء الفقيرة.

توضح ريم، سيدة من إحدى قرى الجنوب: "نضطر أحياناً لحمل المياه من مسافات بعيدة، وهذا يؤثر على صحتنا وعلى قدرة أطفالنا على الذهاب للمدرسة."

تثير هذه التحديات تساؤلات حول العدالة في إدارة الموارد المائية، ومدى قدرة السياسات الحكومية على ضمان وصول المياه لجميع المواطنين بشكل عادل.

الآثار البيئية والاجتماعية
إن استنزاف المياه الجوفية والتلوث الناتج عن الاستخدام غير المستدام يؤثران سلباً على البيئة، حيث يتراجع مستوى المياه الجوفية وتزداد ملوحتها، ما يؤدي إلى تدهور الأراضي الزراعية وتراجع إنتاج الغذاء.

على الصعيد الاجتماعي، تؤدي أزمة المياه إلى نزاعات محلية حول الموارد، وتحديات في الصحة العامة بسبب قلة المياه النظيفة، فضلاً عن تأثيرها على التعليم والعمل، خصوصاً في المناطق الريفية.

جهود الحكومة والمجتمع المدني
تبذل الحكومة الأردنية جهوداً لتحسين إدارة المياه، من خلال تنفيذ مشاريع تحلية، وتحسين شبكات التوزيع، وتعزيز كفاءة استخدام المياه في الزراعة والصناعة. كما تشجع على الاستخدام المستدام من خلال حملات توعية وبرامج دعم للمزارعين.

تشارك المنظمات غير الحكومية في دعم المجتمعات المحلية عبر مشاريع تنموية وتعليمية تهدف إلى تحسين الوصول إلى المياه وتعزيز الوعي البيئي.

الحاجة إلى حلول شاملة
تتطلب أزمة المياه في الأردن حلولاً شاملة تتضمن تحسين البنية التحتية، وتطوير السياسات التي تضمن العدالة في توزيع الموارد، وتعزيز التعاون الإقليمي لإدارة الموارد المشتركة، إضافة إلى دعم البحث العلمي في مجال المياه.

دور الإعلام في تعزيز الوعي
يمكن للإعلام أن يلعب دوراً أساسياً في تسليط الضوء على أزمة المياه، وتعزيز الحوار المجتمعي حول الحلول الممكنة، ونشر قصص النجاح والتحديات، مما يساهم في دفع صناع القرار والمجتمع لاتخاذ إجراءات فعالة.

يشكل شح المياه وتحديات العدالة المائية أحد أبرز التحديات البيئية والاجتماعية في الأردن، ويتطلب تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية والإعلامية للتصدي له. من خلال تبني استراتيجيات مستدامة، يمكن للأردن أن يحقق توازناً أفضل بين الطلب والموارد، ويحسن من جودة الحياة لجميع أفراده.

إرسال تعليق

0 تعليقات