🎙️ الإعلام المجتمعي كأداة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة
بقلم - راشد الربابعة
في زمنٍ تتزايد فيه التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، يبرز الإعلام المجتمعي كقوةٍ ناعمةٍ قادرةٍ على إحداث التغيير من القاعدة إلى القمة. لم يعد الإعلام اليوم مجرد ناقلٍ للأخبار، بل شريكًا فاعلًا في عملية التنمية المستدامة، خاصة في الدول التي تسعى إلى تحقيق توازنٍ بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية والحفاظ على البيئة.
وفي الأردن، أخذ الإعلام المجتمعي — ولا سيما الإذاعات المحلية دورًا متقدمًا في تعزيز الوعي، وتحفيز المشاركة المجتمعية، ودعم المبادرات التنموية التي تخدم أهداف التنمية المستدامة (SDGs).
🎯 الإعلام المجتمعي والتنمية: علاقة متبادلة
الإعلام المجتمعي هو إعلام الناس للناس، يُدار من داخل المجتمع ويعكس قضاياه واهتماماته اليومية. هذه الطبيعة تمنحه القدرة على ربط المواطنين مباشرةً بأهداف التنمية المستدامة، مثل القضاء على الفقر، تحقيق المساواة بين الجنسين، وضمان التعليم الجيد للجميع.
فمن خلال برامجه الحوارية والتفاعلية، يفتح الإعلام المجتمعي المجال أمام النقاش الحر حول القضايا التنموية، ويساهم في نشر المعرفة وتعزيز الشفافية وتحفيز المساءلة المحلية.
🧩 تجربة الأردن: صوت المجتمع في التنمية
في الأردن، لعبت الإذاعات المجتمعية دورًا متزايدًا في دعم جهود التنمية المستدامة، خصوصًا في المحافظات البعيدة عن العاصمة، حيث ساهمت في رفع الوعي البيئي ومكافحة ظاهرة قطع الأشجار والحرائق من خلال برامج توعوية تشجع المشاركة المجتمعية في حماية الغابات، كما قدم مساحات واسعة للشباب والنساء لطرح قضاياهم الاقتصادية والاجتماعية، ما جعلهم جزءًا من الحوار الوطني حول التشغيل، التعليم، وتمكين المرأة.
هذه التجارب المحلية أظهرت أن الإعلام المجتمعي ليس فقط وسيلة ترفيه أو توعية، بل أداة استراتيجية في تمكين المجتمعات الريفية والمهمشة للمشاركة في صنع مستقبلها.
🌍 الإعلام المجتمعي كجسر نحو أهداف التنمية
من أبرز ما يميز الإعلام المجتمعي قدرته على ترجمة الأهداف الأممية إلى مبادرات محلية ملموسة.
فبينما قد تبدو أهداف مثل "الطاقة النظيفة" أو "العمل اللائق" بعيدة عن حياة المواطن، يستطيع الإعلام المجتمعي تقريبها من الواقع عبر قصص نجاح، تجارب شبابية، أو مبادرات نسائية محلية.
كما يمكنه أن يربط بين الفاعلين المحليين — البلديات، الجمعيات، المدارس — في إطار تنموي مشترك يعزز الشراكة والمسؤولية المجتمعية.
🔄 التحديات والطريق إلى الأمام
رغم هذا الدور المهم، ما زال الإعلام المجتمعي في الأردن يواجه تحديات متعلقة بالتمويل، التدريب، وضعف الدعم القانوني والمؤسسي.
لكن مع تزايد الاهتمام الدولي والإقليمي بقضايا التنمية المستدامة، تبرز فرصة أمام المؤسسات الإعلامية المجتمعية لتطوير قدراتها، وتعزيز شراكاتها مع الجهات الحكومية والدولية.
إن الاستثمار في الإعلام المجتمعي ليس رفاهية، بل ضرورة تنموية، لأن التنمية الحقيقية تبدأ من الوعي، والوعي لا يُبنى إلا من خلال إعلامٍ صادقٍ وشاملٍ وقريبٍ من الناس.
يبقى الإعلام المجتمعي في الأردن أحد أهم الأدوات القادرة على تحويل مبادئ التنمية المستدامة إلى واقع ملموس.
فهو يجمع بين المعرفة المحلية والرسالة العالمية، ويمنح المواطن صوتًا فاعلًا في مسار التنمية.
وفي الوقت الذي تسعى فيه المملكة إلى تحقيق رؤية التحديث الاقتصادي والاجتماعي، فإن دعم الإعلام المجتمعي يمثل خطوة أساسية نحو بناء مجتمع واعٍ، متوازن، ومستدام.

0 تعليقات