💻 التحول الرقمي في الإعلام المجتمعي: فرص جديدة لصوت الناس
بقلم - راشد الربابعة
يشهد العالم اليوم ثورة رقمية غير مسبوقة غيّرت شكل الإعلام وأسلوب تفاعله مع الجمهور. لم تعد الموجات الإذاعية وحدها الوسيلة لنقل الرسالة، بل أصبحت المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي حاضنة جديدة لصوت المجتمعات المحلية.
في الأردن، حيث تنمو مبادرات الإعلام المجتمعي بوتيرة متصاعدة، يمثل التحول الرقمي فرصة ذهبية لتعزيز حضور هذا الإعلام وتمكينه من الوصول إلى جمهور أوسع، خاصة في المحافظات والمناطق الريفية التي لطالما كانت بعيدة عن دائرة الاهتمام الإعلامي التقليدي.
🌐 من البث المحلي إلى التأثير الرقمي
في الماضي، كان الإعلام المجتمعي يعتمد على الإذاعات المحلية لبث رسالته. اليوم، أصبح بإمكان أي محطة أو مبادرة إعلامية أن تمتلك تطبيقًا على الهواتف الذكية أو قناة بث مباشر عبر الإنترنت، ما أتاح لها التفاعل مع المستمعين في أي مكان وزمان.
هذا التحول الرقمي فتح الباب أمام الإذاعات المجتمعية الأردنية لتوسيع دائرة تأثيرها، وبناء جسور جديدة مع الشباب، الذين يشكلون النسبة الأكبر من مستخدمي الإنترنت في المملكة، فالتحول من البث التقليدي إلى المنصات الرقمية لم يكن مجرد تحديث تقني، بل تحول ثقافي غيّر طبيعة العلاقة بين الإعلام والمجتمع.
🎙️ الإعلام المجتمعي في العصر الرقمي
الإعلام المجتمعي في الأردن لم يتأقلم فقط مع التحول الرقمي، بل استثمره في خدمة رسالته التنموية.
من خلال المنصات الرقمية، بات بإمكان المجتمعات المحلية نشر قصصها بنفسها، وتسليط الضوء على قضاياها من منظورها الخاص.
أصبح المواطن اليوم مراسلًا ومشاركًا في صناعة المحتوى، يرسل صوره وتقاريره الصوتية إلى الإذاعة أو ينشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما خلق بيئة تشاركية حقيقية بين الإعلام والجمهور.
🚀 فرص التحول الرقمي
يتيح التحول الرقمي فرصًا متعددة أمام الإعلام المجتمعي الأردني، أبرزها:
- توسيع الوصول: الوصول إلى جمهور وطني ودولي عبر الإنترنت، ما يمنح المجتمعات المحلية مساحة أوسع لسماع صوتها.
- تنويع المحتوى: إنتاج بودكاست، فيديوهات قصيرة، وتقارير تفاعلية تسهل نقل المعلومة بأسلوب شبابي وجذاب.
- تعزيز الشفافية: استخدام المنصات الرقمية كوسيلة لمساءلة المسؤولين المحليين وعرض آراء المواطنين بشكل مباشر.
- التمويل الرقمي: فتح المجال أمام الدعم الجماعي (crowdfunding) والمبادرات المجتمعية لتمويل البرامج المحلية.
- التدريب والتطوير: إتاحة أدوات رقمية مجانية لتدريب الشباب على الإنتاج الإعلامي، مما يخلق جيلًا جديدًا من الإعلاميين المجتمعيين.
⚠️ تحديات لا بد من مواجهتها
ورغم هذه الفرص، يواجه الإعلام المجتمعي في الأردن تحديات رقمية لا يمكن تجاهلها.
من أبرزها ضعف البنية التحتية للإنترنت في بعض المناطق الريفية، وقلة الموارد المالية لتحديث المعدات والتقنيات.
كما تعاني العديد من المؤسسات المجتمعية من نقص في التدريب التقني وضعف الوعي بالتحول الرقمي كعملية استراتيجية تتطلب تخطيطًا مستمرًا، وليس مجرد إنشاء صفحات على وسائل التواصل.
يضاف إلى ذلك الحاجة إلى تشريعات أكثر دعمًا للإعلام المجتمعي الرقمي، تضمن حرية التعبير وتحمي البيانات والمحتوى من الانتهاكات أو التضييق.
🌱 الأردن في طريقه إلى المستقبل
رغم الصعوبات، يشهد الأردن مبادرات مميزة لدعم الإعلام الرقمي المجتمعي، مثل البرامج التدريبية التي تنفذها مؤسسات كـ"مركز وسطاء التغيير للتنمية المستدامة" ومشاريع التعاون مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونسكو.
هذه المبادرات تسعى إلى دمج التكنولوجيا في العمل الإعلامي المجتمعي، وتعزيز مهارات الشباب في مجالات مثل التصوير، التحرير الرقمي، والأمن السيبراني، إن تمكين الإذاعات والمبادرات المحلية رقميًا يعني خلق فضاء إعلامي أكثر عدالة وتنوعًا، حيث لا يُقصى أحد من حقه في التعبير والمشاركة.
يمثل التحول الرقمي فرصة تاريخية للإعلام المجتمعي الأردني ليجدد رسالته ويضاعف أثره، فمن خلال المنصات الرقمية، يمكن للإعلام المجتمعي أن يصبح أكثر تفاعلًا، شفافية، واستدامة، ومع الدعم المؤسسي والتدريب المستمر، سيظل صوت الناس قويًا في مواجهة التحديات، لأن المجتمع الرقمي لا يكتمل إلا بإعلامٍ ينبض بقضاياه الحقيقية.

0 تعليقات