📱 وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المجتمعي: شراكة أم منافسة؟
بقلم: راشد الربابعة – خبير الإعلام المجتمعي والبيئة والتنمية المستدامة
في السنوات الأخيرة، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية والإعلام الحديث، حيث غيّرت طريقة تداول الأخبار والتفاعل مع القضايا العامة. ومع هذا التحول السريع، يبرز سؤال جوهري في المشهد الإعلامي الأردني: هل تُعد منصات التواصل الاجتماعي شريكًا داعمًا للإعلام المجتمعي أم منافسًا يسحب منه البساط؟
🌍 التحول الرقمي وتوسّع نطاق الإعلام المجتمعي
لا يمكن إنكار أن العلاقة بين الإعلام المجتمعي ووسائل التواصل الاجتماعي تتأرجح بين التكامل والتحدي. فقد فتحت هذه المنصات أمام الإذاعات المجتمعية والمبادرات المحلية آفاقًا واسعة للوصول إلى جمهور أكبر والتأثير بشكل أوسع.
فما كان في السابق مقتصرًا على نطاق بث محلي، أصبح اليوم يصل إلى آلاف المتابعين داخل الأردن وخارجه بضغطة زر. فمحطات الراديو المجتمعية تستخدم اليوم فيسبوك، يوتيوب، وتيك توك لنشر برامجها ومقاطعها التوعوية، مما عزز التفاعل مع القضايا البيئية والاجتماعية والتنموية.
🤝 وسائل التواصل الاجتماعي كشريك داعم
هذا التكامل جعل من السوشيال ميديا امتدادًا طبيعيًا للإعلام المجتمعي لا بديلاً عنه. فهي أداة مجانية وسريعة تساعد المجتمعات المحلية على التعبير، ونشر الحملات التوعوية، وجمع الدعم الشعبي حول القضايا المجتمعية مثل:
- حماية الغابات والبيئة 🌳
- تمكين المرأة 👩💼
- دعم التعليم في القرى النائية 🎓
⚠️ ولكن... هناك وجه آخر للعلاقة
ورغم هذا الجانب الإيجابي، فإن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت أيضًا منافسًا قويًا للإعلام المهني والمستقل. فالمحتوى العشوائي والمعلومات المضللة تزاحم الصحافة الجادة، والعديد من المستخدمين اليوم يفضلون متابعة مؤثرين رقميين أو صفحات غير موثوقة بدلًا من المنصات الإعلامية المجتمعية، كما أن خوارزميات السوشيال ميديا تتحكم في مدى انتشار المحتوى، مما قد يحدّ من ظهور الرسائل الهادفة ويجعل صوت الإعلام المجتمعي ضعيفًا داخل الضجيج الرقمي الهائل.
📻 الإعلام المجتمعي في الأردن: لحظة مفصلية
في الأردن، يعيش الإعلام المجتمعي مرحلة حاسمة. فإما أن يتراجع أمام المنصات العملاقة، أو أن يستفيد منها لتجديد نفسه. وقد أثبتت بعض المبادرات المحلية نجاحها في استخدام السوشيال ميديا بذكاء، إذ حوّلت صفحاتها إلى مساحات تفاعلية للحوار ونقل هموم الناس من الميدان مباشرة، وفي المناطق الريفية، حيث تغيب المؤسسات الإعلامية الكبرى، أصبحت هذه المنصات وسيلة لتوصيل الصوت المحلي إلى صانعي القرار، وإشراك الشباب في قضايا بيئتهم وتنميتهم.
💡 كيف نحول المنافسة إلى شراكة حقيقية؟
من أبرز نقاط قوة الإعلام المجتمعي التزامه بالقيم المهنية والمصداقية. لذلك، يجب أن يستفيد من التفاعل عبر وسائل التواصل دون أن يفقد هويته. فهو قادر على تحويل التعليقات والمشاركات إلى منصات حوارية بنّاءة تعبر عن نبض المجتمع بطريقة مسؤولة وبعيدة عن التضليل أو التحريض، ولتحقيق شراكة حقيقية بين الإعلام المجتمعي ووسائل التواصل، هناك حاجة إلى:
- استراتيجية رقمية وطنية تدعم الإعلام المحلي في إنتاج محتوى احترافي.
- تدريب الكوادر الإعلامية الشابة على مهارات الإعلام الرقمي مثل التصوير، المونتاج، وإدارة الحملات الرقمية.
- تعزيز ثقافة التحقق من المعلومات ومكافحة الأخبار الكاذبة.
🧭 الخلاصة
إن وسائل التواصل الاجتماعي ليست خصمًا للإعلام المجتمعي، بل مرآة تكشف مدى قدرته على التطور والتفاعل مع الواقع الجديد. وفي الأردن، يمكن لهذه العلاقة أن تشكل نموذجًا فريدًا لتكامل الإعلام التقليدي والمجتمعي والرقمي في خدمة التنمية والمواطنة والتعبير الحر.
فعندما يعمل الاثنان معًا — بوعي ومهنية — يصبح صوت الناس أقوى، ورسالة المجتمع أعمق، وتأثير الإعلام أكثر إنسانية واستدامة.
🔖 نُشر على موقع راشد الربابعة | جميع الحقوق محفوظة © 2025

0 تعليقات